السبت 19 أغسطس 2023 | 03:23 م

"الثورة الصناعية الرابعة" تحقق أهداف التنمية المستدامة ، إذا وضعت لها الاستراتيجية الصحيحة


قالت ا.د. غادة محمد عامر
عميد كلية الهندسة  جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا إن الثورة الصناعية الرابعة هي البيئة المتطورة المستوحاة من اندماج العوالم الرقمية والبيولوجية والفيزيائية،واشارت الدكتورة غادة عامر زميل كلية الدفاع الوطني – أكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا ل مصر الآن إلى أهمية إستخدام التكنولوجيا الحديثة ومواكبة التطور الذى يحدث كل دقيقة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد وإنترنت الأشياء والتقنيات اللاسلكية المتقدمة والمركبات ذاتية القيادة. وهي تطوير "للثورة الصناعية الثالثة" التي تسمى أحيانًا بالثورة الرقمية، والتي اعتمدت، 
وأكدت الدكتورة غادة على تطوير أجهزة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات والتي ظهرت منذ منتصف القرن العشرين. لقد جاءتا هاتين الثورتين بعد "الثورة الصناعية الأولى"، التي كانت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتضمنت تحولًا من المجتمعات الزراعية إلى مجتمعات صناعية، نتيجة لاختراع المحرك البخاري والتطورات التكنولوجية الأخرى في ذلك العصر.وأضافت الدكتورة غادة أن جاء عصر التكنولوجيا التالي "الثورة الصناعية الثانية"، وكان مدفوعًا باختراع الكهرباء وشمل التوسع في الصناعات والإنتاج الضخم بالإضافة إلى التطورات التكنولوجية. 
ونوهت  الدكتورة غادة إلى العديد من  البحوث تؤكد  أن الثورة الصناعية الرابعة سوف تحول الدول التي تمتلك أدواتها أو تستطيع الاستفادة من تقنياتها إلى دول متقدمة.مشيرة إلى 
استخدام التكنولوجيا  فى الثورة الصناعية الرابعة لمحاربة الفقر ولخلق فرص عمل جديدة، فيمكن أن يؤدي انتشار التقنيات الرقمية إلى تمكين الفقراء من الوصول إلى المعلومات وفرص العمل والخدمات التي تحسن مستوى معيشتهم. 
واضافت  أنه يمكن لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبلوكتشين، تعزيز فرص جمع البيانات وتحليلها لاستراتيجيات أكثر استهدافًا وفعالية للحد من الفقر.
مشيرة إلى لقد شهدنا بالفعل القوة التحويلية للخدمات المالية الرسمية من خلال الهواتف المحمولة، مثل خدمة "M-Pesa"، والتي هي خدمة تحويل الأموال وتوفير التمويل الأصغر القائمة على الهواتف المحمولة، والتي أطلقتها شركة فودافون في عام 2007م في كينيا وتنزانيا. وقد توسعت منذ ذلك الحين إلى أفغانستان وجنوب أفريقيا والهند، وفي عام 2014م إلى رومانيا وفي عام 2015م إلى ألبانيا. وتسمح هذه الخدمة للمستخدمين بالإيداع والسحب وتحويل الأموال ودفع ثمن السلع والخدمات بسهولة باستخدام جهاز محمول. 
مؤكدة أن قد تساعد هذه التقنية لمساعدة الأسر المحتاجين المحرومين، بمن فيهم النساء، الذين يشكلون محركًا مهمًا للقضاء على الفقر بشكل مستدام. وبالتالي تتيح هذه الخدمات المالية للأسر الادخار في أدوات آمنة لتوسيع قاعدة أصولها.  أيضًا تتيح تكنولوجيا البلوكتشين التحقق الفعال من سجلات الممتلكات والمعاملات للأفراد والشركات، وتوسيع نطاق الوصول إلى الائتمان في بعض القطاعات غير الرسمية سابقًا في الاقتصاد التقليدي. مما يؤدي إلى تقليل الاحتيال وبالتالي تكلفة المخاطرة.  في الواقع، فإن الثورة الصناعية الرابعة تغير بشكل جذري أنظمة العمل والإنتاج العالمية، ويتطلب من الباحثين عن عمل تنمية المهارات والقدرات اللازمة للتكيف بسرعة مع احتياجات الشركات التي سوف تعتمد على التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة. 
وفي مجال الزراعة توفر الثورة الصناعية الرابعة فرصة الاستفادة من الإمكانات الكاملة لقطاعها الزراعي لأي دولة، فهي توفر مثلا المعلومات المتعلقة بالأسعار التنافسية لمحاصيلهم، واضافت أن هناك أوجه أخرى لتحقيق الاستفادة والأهداف فى مجالات متعددة منها النصائح و  الوقاية النباتات من الأمراض، مثلا تقدم شركة "فارمر لاين" Farmerline وهي شركة برمجيات اجتماعية مهمتها تحويل ملايين المزارعين إلى رواد أعمال ناجحين. فهي تربط المزارعين بالأسواق وجهات التمويل، وتوفر لهم توقعات الطقس، ونصائح الزراعة الجديدة، وخدمات المعدات. كما إنها تقدم خدمة إرسال الرسائل النصية القصيرة، والرسائل الصوتية حول التنبؤات الجوية، وأسعار السوق، والتقنيات الزراعية الجديدة، والتطبيقات الكيميائية الزراعية، والتمويل، عن طريق الهواتف المحمولة للمزارعين باللغات المحلية. وأيضا يستطيع المزارعين من خلال هواتفهم المحمولة الاتصال بالأسواق العالمية وشراء المستلزمات الزراعية. لقد تأسست "فارمر لاين" في غانا وتعمل الآن في الكاميرون وملاوي ونيجيريا وسيراليون، حيث وصلت إلى 200000 مزارع. كذلك بدأت كل من المكسيك وبيرو منذ مدة بتشجيع رواد الأعمال والشركات الناشئة على استخدام "إنترنت الأشياء" لمساعدة المزارعين على تحسين الإنتاجية وتقليل النفايات من خلال تقنيات "الزراعة الدقيقة" التي تعتمد على البيانات.
وفي مجال الصحة يمكن أن تساعد تقنية الثورة الصناعية الرابعة في تخفيف التهديدات الصحية وبناء أنظمة رعاية صحية مستدامة. فقد أصبحت تكنولوجيا الأجهزة المحمولة منبرًا لتحسين البيانات الطبية وتقديم الخدمات مثل نظام "mTrac” الذي يستدم للإبلاغ عن مخزون الأدوية. وبرنامج "SMS for Life"، الذي يعمل على تقليل نقص الأدوية في مرافق الرعاية الصحية عن طريق استخدام الهواتف المحمولة لتتبع وإدارة مستويات المخزون من الأدوية الأساسية. أيضا استخدام الطائرات المسيرة في عمليات نقل الدم إلى المناطق النائية. كما عملت التكنولوجيا على تحسين الاستجابة للكوارث: أثناء تفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا في عام 2014م، كذلك أصبح WhatsApp وسيلة سهلة لنشر المعلومات وفحص الأعراض، كما يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء في تشخيص سرطان عنق الرحم وغيره من العيوب بشكل صحيح في دول عديدة كالهند. 
بالتالي من الواضح أن الثورة الصناعية الرابعة تقدم فرصًا كبيرة وكذلك تحديات للدول النامية. تتمثل القضية الرئيسية في كيفية وضع الاستراتيجية والسياسات للاستفادة من تكنولوجيات هذه الثورة مع إدارة التحديات التي تطرحها واتخاذ خطوات حاسمة لسد الفجوات في المهارات الرقمية والبنية التحتية والبحث والتطوير، لتحقيق أقصى استفادة منها، لامتلاك اقتصاد مستدام وشامل.